حوش عربي موسى(السوكي في زمن الحاج نباهو و سليمان الجرسون)
--------------------------------------------------------------------------------
لمن الحوش/ عربي موسى
من دخل هذا الحوش فله الأمن والأمان والسلامة , أرجو من داخليه أن يتفيأوا بظلال ما يخطه القلم من خواطر وتداعيات وإنشاء الله يكون حوش يسع الجميع.
السوكي في زمن الحاج نباهو وسليمان الجرسون ...
أثارت في بعض الكلمات عن مدينة السوكي ذكريات قديمة متداعية عن أيام الطفولة والشقاوة ومراتع الصبا كم هي محببة ولها مكانة خاصة في الأنفس .. وأحيانا كثيرة ينتابني إحساس بان المدن مثل البشر لها بعض الخصائص والخصوصيات فهي تبدأ من طفولة فقوة شباب وازدهار ثم تدركها الشيخوخة من بعد تدريجيا..
فالبرغم من ان بعض المرافق العامة الحديثة لم تصل بعد إلى مدينة السوكي في تلك الفترة إلا أنها كانت في عنفوان شبابها وازدهارها .. وكانت تمتاز برخص العيش فيها من ناحية الخضر والأسماك واللحوم والذرة .. والشاهد على ذلك محطة السكة الحديد الرائجة حينما يصل إليها القطار مشتركا كان او محليا فتبدو كالسوق تموج حركة ونشاطا فالباعة والمشترين من الركاب ومن على البعد كنت تسمع صوت (ود الزين) وهو يدعو الناس إلى شرب الشاي "شاي – ايوه الساده والحليب المضمون يفتح العيون" ثم ما تلبث ان تسمع صوت النساء ينادين على بضاعتهن .. البروش , تبروقه,, الصرموجا – ومليني – الصندلية , وبرش الصلاة .. ويتدخل صوت بائع السمك وهو يردد ""مقلي .. حمام النيل بلطي يا" وتقترب قليلا فتسمع بائع البطيخ والسمك الشمام والمانجو والرغيف حار من ناره ..الخ.
لكل مدينة في السودان ظرفاءها وأعلامها ومن هؤلاء الناس الشيخ (نباهو) فقد كان مشهورا على مستوى المنطقة وذلك لمحاولته الجريئة في الطيران من السوكي إلى الأراضي المقدسة فقد أراد أن يكون الثالث من بعد عباس ابن فرناس وديد الوس(اليوناني) ..اذ ارتدى الشيخ (نباهو) جلبابا كبيرا وصعد الى قمة شجرة لالوب كانت تتوسط السوق وبدأ يودع الجمهور الذي حضر وحاول بعضهم إثنائه عن الفكرة الا انه كان مصرا على الطيران .. ولكنه ما لبث أن طار بضعة أمتار ثم سقط على مجرى مياه وأصيب من جراء ذلك ببعض الكدمات وجروح في الرأس وأخيرا مات بشوقه للحجاز الا رحمة الله .. ومن الشخصيات الظريفة أيضا التي مرت على السوكي سليمان الجرسون وهو من أبناء قبيلة البني عامر ساقته ظروف العمل للسوكي فكان أشهر جرسونا في المقاهي قضى بالمقهى اذي يعمل به قرابة الخمس سنوات ولكنه فجأة قرر أن يسافر للخرطوم وكان ذلك في عام 1964 وتحديدا في شهر أكتوبر وحاول صاحب المقهى ان يقنعه بالعدول عن رأيه ولكن بلا جدوى .. فركب سليمان القطار من السوكي إلى الخرطوم وكانت ثورة أكتوبر في أوجها وعند وصوله محطة الخرطوم صادف مظاهرة عارمة من كلية الطب تصدى لها رجال الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع .. فاختلط الحابل بالنابل وكان من بين الذين أصابهم الرشاش سليمان المسكين الذي ظل يجري من غير هدي ودموعه تجري ودخل المحطة وركب أحد القطارات المتجهة إلى السوكي وعاد ثانية .. وفي ذات المقهى توسط سليمان الحاضرين وظل يحكي لهم رحلته المشئومة للخرطوم فقال : القنبلة الدرية دايرة تقتلنا لو ما الله ستر .. تقطع عيشة الخرطوم , علي الحرام كانت بقت قبلة ما أقبل عليها..
اكتب بعض هذه الذكريات وفي ذهني قول احد أساتذة الجغرافيا الأجلاء الذي تنبأ للسوكي بحكم موقعها الاستراتيجي البري و النهري خط السكة حديد ان تتبوأ السوكي مكانا هاما وتشهد تطورا لامحالة في يوم ما . ولكن كلمة حق ارادت الإدارة الأهلية وبعض السياسات السلبية ان تقتل السوكي ولكن ارادة أهلها كانت أقوى .. فبنوا مدينتهم بالعون الذاتي وكان الهم الأكبر هو طريق السوكي سنار. أيضا واستحقت بذلك ان تكون مدينة العون الذاتي الأولى .. الى ابناء السوكي والى عموم الاحباب الذين احتضنتهم السوكي في يوم من الأيام والمنتشرين داخل السودان وخارجه نقول لهم من شرف الإنتماء السوكي تناديكم جميعا فهلا لبيتم النداء.
منقول عن السوكي نت