رد: أين صوت السوكي ؟
--------------------------------------------------------------------------------
أشمُّ الآن رائحة الرونيو وأري بعيني خيالي غلاف المُلتقي .
كان من الأمنيات الباكرة التي داعبت الخيال ، ونحنُ في شرخ الصبا ، أن يصبح الواحد منا ، يوماً ما ، كاتباً بالملتقي . هذه الأمنية ، بالنسبة لي علي الأقل ، لم تٌحقّق أبداً ، فما تشرّفتُ يوماً بالكتابة فيها رغم أنّي كنتُ من القارئين الجيدين ، فيما أظن ، فما زلتُ أحتفظُ بمكتبتي المتواضعة بالسوكي بأعداد ٍ من الملتقي جنباً إلي جنب مع الدوحة والكرمل والعربي والمستقبل والدملوج والزرقاء وفصول وأدب ونقد ووووووو.. وقد جمعتني ، فيما بعد ، بالعديد من كتّاب الملتقي صداقات ما زالت حميميتها تغذّي وجداني بالطمأنينية والفرح ، أكاد أحفظُ خطاباً وصلني بالبريد من الأخ الصديق بلّه النور الشهير بـ : بلّه أب ريش ، وهو طالب بسنكات الثانوية وأنا إذّاك ربما في بداية المرحلة المتوسطة منتصف سبعينيات القرن الماضي (!). وبلّه ، بالمناسبة ، كان من الذين أكتشفوا شغفي بالقراءة فنبّهني إلي كُتاب عديدين كإبراهيم الشوش والنور عثمان أبكّر ومحمد المنسي قنديل من الكاتبين بمجلة الدوحة وأذكر إعجابه بكتابات إبن البان في صحيفة الصحافة ، ثمّ أنه كان أول من نبّهني إلي صحيفة الشرق الأوسط في بدايات صدورها . و من خطاب بلّه أب ريش ، كانت أول مرّة تطرق فيها مخزوني التعبيري عبارة : طفح الكيلُ وبلغ السيلُ الزُبي . فصرتُ أحفظها والكثير من العبارات عن ظهر وبطن قلب من فرط مداومتي علي قراءتها . أين بلّه أب ريش الآن ! أشتاقه جداً . ثمّ كان ما كان من أمر الصداقة ، والتلمذة ليس في معناها المدرسي ، و التي جمعتني بك يا عادل وبالصديق عوض الزبير ، وعادل طه والأستاذ الراحل محمد عبدالوهاب والباشا الفاضل الجاك ( يا له من اسم ! ) والكثيرين الكثيرين . ثم كان ما كان من تاريخٍ كاملٍ يجلجلُ في وجداني كل حينٍ ويصهل ، لا بل ، يجري مجري الدم ، يمشي في العصب ويقعدُ في الهّم … وأعني تحديداً صداقتي بالرسام ، الشاعر ، المسرحي والفيلسوف خالد عبد الله .
هل قلتُ أشمّ رائحة الرونيو ؟
لا … ليس فقط !
أنا ، يا عزيزي عادل ، أشمُّ رائحة الوجدان المفعم بكل ذلك التاريخ .
هذه التجربة الفريدة تستحق وقفة أطول … إنما أنا ، الآن ، هنا لأحييك وأحييّ من مرّوا .
لكم الوُد النّقي .